موضوع: كلمات تنتشر بين بعض الناس على النساء الجمعة أكتوبر 19, 2012 11:43 pm
الــســؤال:
شيخنا الفاضل بارك الله فيك انتشر بين الناس الحديث عن مكر النساء ، وأنهن أقوى من الشيطان نفسه ، وعبارات كثيرة على هذا النمط ... مثلا : آخر ما يموت من المرأة لسانها . والشيطان تلميذ المرأة ... وغيره الكثير ، وهي نقطة أثارها البعض في احدى المنتديات مستدلين بقوله تعالى : ( إن كيدكن عظيم ) وهذا عن كيد المرأة ، أما قوله تعالى عن كيد الشيطان : ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) شيخنا الفاضل .......... هلا تكرمتكم بتوضيح هذه النقطة الهامة للجميع ، وأن تسمح للجميع بنشرها حتى تتضح المفاهيم .... بارك الله فيكم وجزاكم كل خير .
الجواب :
وفيك بورك أخيّـتي الداعية وجُزيتِ الجنة نعم أختي الفاضلة هذه كلمات تنتشر بين بعض الناس : آخر ما يموت من المرأة لسانها ! والشيطان تلميذ المرأة ... ! وغيره الكثير وأذكر أن أحد الشباب يُردد مقولة أخرى : الشيطان بلع كل شيء إلا المرأة وقّفت في حَـلْـقِـهِ !!
لا شك أُخيّـتي أن المرأة شقيقة الرجل كما ثبت بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإن قيلت تلك المقالات فقائلها لا يخلو من أمرين : إما أن يكون قالها في امـرأة معيّـنة . وإما أن يكون قد أطلق اللفظ وعمّـم الحُـكم .
فإن كان الأول فهو وارد ، إذ الآية واضحة في ذلك ، فهي قد وَرَدَتْ في حكاية قصة يوسف مع امرأة العزيز ، وكذب امرأة العزيز على يوسف عليه السلام ، بعد أن راودته عن نفسه وغلّقت الأبواب ... قال تعالى : ( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ )
فهذا حكاية قول عزيز مصر آنذاك فمن كانت كذلك كان كيدها عظيما غلّقت الأبواب وراود ذلك الشاب وشقّت قميصه وادعت زورا وبهتانا أنه أراد بها سوءاً كما في قصة جريج وخبره في الصحيحين وكيف أن تلك البغي رمَتْه بما هو منه برئ ، فادّعت أنه زنا بها وأنها حملت منه ، حتى أظهر الله براءته .
فمن كانت على مثل ما كانت عليه تلك النسوة فكيدها عظيم
وإن كان الثاني فقد ظلم المرأة فليست المرأة تلميذة الشيطان ، ولكنها إحدى حبائله ، خاصة إذا أغواها الشيطان وأغوى بها . فما ترك النبي صلى الله عليه وسلم فتنة أضر على الرجال من النساء .
ومن النساء مَن لا يعرف الشيطان عليهن سبيلا
ولا شك أن في النساء صالحات عفيفات غافلات عما يُراد بهن . ولذا قال الإمام النووي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم " وقـذف المحصنات الغافلات المؤمنات " : والمـراد بالمحصنات هنـا : العفائف . وبالغافلات : الغافـلات عـن الفواحش وما قُـذِفْنَ بـه . انتهى كلامه - رحمه الله - . فالمؤمنات في غفلـة عن كل أذى ، وعن كـل مـا يخدش الحياء .
ومن النساء : أمهات المؤمنين والصحابيات والصالحات من بعدهن ومنهن من تتلمذ على أيديهن العلماء الأفذاذ ، بل فيهن من تربى على يديها العلماء ، فلهن الفضل بعد الله على هذه الأمة . واليوم هناك من نساء الأمة الصالحات منهن من تتمنى أن تُقتل شهيدة في سبيل الله ومنهن من تحمل هم الأمة ومنهن من تحمل هم الدعوة ومنهن من هي حريصة على طلب العلم تتمنّى أن تُفني نفسها في طلبه ومنهن ،،، ومنهن ... ولاستعراض بعض النماذج والأمثلة المعاصرة أنصح بسماع شريط : المرأة والوجه الآخر للشيخ خالد الصقعبي وفقه الله .
وحكاية قول امرأة العزيز يُشبه حكاية قول بلقيس . فقد حكى الله سبحانه وتعالى قول بلقيس عندما قالت عن نبي الله سليمان ( قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) ومعلوم أن الإفساد لا ينطبق على نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه ليس من المفسدين .
ثم إن المكر والكيد يكون من الرجال كما يكون من النساء ولذا قال الله عز وجل : ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ) واشترك القوم بالرأي والمكيدة ، فهو إفساد الطبقة المتنفّذة المتسلّطة ، ولذا قال سبحانه : ( قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ) والتبييت قتله ليلا فهم خفافيش الظلام التي يبهرها النور فلا تستطيع أن تتحرك وتعمل إلا تحت جُنح الظلام .
وأكثر من حكى الله عنهم المكر والكيد في القرآن الكريم هم من الرجال حتى وصف الله عز وجل مكر الكُفّار بالمكر الكُبّار قال سبحانه وتعالى عن قوم نوح : ( وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا )
ثم يرد السؤال هنا : هل المرأة إلا جزء من الرجل ؟؟ فتكوينها جزء من تكوينه وطبيعتها جزء من طبيعته
فإن انتقصها الرجل أو احتقرها فهي منه وإليه
مِنْهُ خُلِقت ومنها خٌلِق
وهل الرجل إلا وليد المرأة ؟؟ فهي أمه وهي أخته وهي زوجته وهي ابنته
ولعلي أطلت . وكنت كتبت من قبل موضوعا حول قول بعضهم : المرأة ناقصة عقل ودين هكذا على إطلاقه أو على سبيل التنقّص والاحتقار