موضوع: اريد ان انتحر )()( الأحد فبراير 03, 2013 6:28 pm
حَياتي عَذاب .. أحلامي سراب .. أُغلِقَت في وَجهي كُلُّ الأبواب . لا صَدِيقَ يُؤنِسُني ويَنصَحُني .. ولا قَريبَ يُرشِدُني ويُوَجِّهُني .. ولا جَارَ يُحسِنُ إليَّ . هَدَّنِي المَرضُ .. وهَرَبَ مِنِّي الأمَلُ .. وضَاقَت علَيَّ الدُّنيا . لا أملِكُ سِوَى الدُّمُوعَ رفيقًا .. والآلامَ صَدِيقًا .. والعُزلَةَ مأوَى . لا أعرِفُ مِنَ السَّعَادةِ إلَّا اسْمَها .. ولا مِنَ البَسْمَةِ إلَّا رَسْمَها . أعمالِي كُلُّها ذُنُوب .. وشَخصِيَّتِي تَملؤها العُيوبُ .. وحَياتي كُلُّها كُروبٌ . الكُلُّ يُبغِضُني .. وعن طَريقِهِ يُبعِدُني . فإنْ حَدَّثتُ أحدَهم لم يَفهمنِي .. وإنْ سألتُه لم يُجِبني .. وإنْ طلبتُ عَونَهُ لم يعاوِنّني . حَياتي مُظلِمَة .. وتَصَرُّفاتُ النَّاسِ حَولِي مُؤلِمَة . كأنِّي شئٌ لا قِيمةَ له في هذه الحَياة . سَئِمْتُ النَّاسَ .. وكَرهتُ نَفسِي .. ولم أَعُدْ أُطِيقُ الحَياةَ . فقط أُرِيدُ أنْ تَنتَهِيَ حَيَاتِي في هذه الدُّنيا . أُرِيدُ أنْ أُرِيحَ النَّاسَ مِنِّي . أُرِيدُ أنْ أنتحِـرَ .. أُرِيدُ أنْ أنتحِـرَ .
أخي في اللهِ ، لِمَ كُلُّ هذا اليأس ؟! لِمَ كُلُّ هذا الحُزن ؟! لِمَ كُلُّ هذا الألَم ؟! كأنَّ الحياةَ عِندكَ قد انتهت ، فلَم تَعُد تَراها سِوَى سَوداءَ مُظلِمَة . كأنَّكَ أغلقتَ على نَفْسِكَ بابًا ، فلم تَعُد تسمَعُ لأحدٍ ، ولم تَعُد تُكَلِّمُ أحدًا .
أخي في اللهِ ، كُلُّ شئٍ في هذا الكَونِ يَجري بقضاءِ اللهِ وقَدَرِهِ . فما أصابَكَ مِن خيرٍ فمِنه سُبحانه ، وما أصابَكَ مِن بلاءٍ ، فلَعلَّه تمحيصٌ لَكَ ، وتَطهيرٌ لَكَ مِنَ الذّنوبِ . فاصبِر أخي ، واحتَسِب الأجرَ .
إنْ كانت الأبوابُ قد أُغلِقَت في وَجهِكَ ، فلا زالَ أمامَكَ بابٌ واحِدٌ لم يُغلَق ، ولا يُغلَقُ أبدًا حتَّى انتهاءِ أجَلِكَ ، بل حتَّى قِيَامِ السَّاعةِ . بابٌ لا يَقِفُ عليه بَوَّابٌ ، ولا يَمنعُكَ مِن دخُولِهِ أحد . إنَّه التَّوَجُّهُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ، والُّلجوءُ إليهِ ، والاستعانةُ بهِ .
لَعَلَّ اللهَ – عزَّ وجلَّ – أرادَكَ أن تلجأَ إليهِ ، وأن تتقرَّبَ مِنه ، وألَّا تُعلِّق قلبَكَ بالنَّاسِ ، بل تُعلِّقه بهِ وَحدَه سُبحانه وتعالى . هو اللهُ وَحدَه القادِرُ على إزالةِ هُمُومِكَ وغُمُومِكَ . هو وَحدَه القادِرُ على إسعادِكَ في الدُّنيا والآخِرة .
أخي في اللهِ ، أسمِعتَ عن رُجُلٍ يَمشِي كُلَّ يَومٍ مَسافةً طويلةً مِن بيتِهِ لِمَكانِ عملِهِ ؛ لأنَّه لا يَجِدُ ما يَدفَعُهُ في وسيلةِ مُواصلاتٍ ..؟! أتدري كم مِقدارُ المالِ الذي لا يَجِدُهُ كَيْ يَدفَعَهُ في ذلك ..؟! إنَّه ( خَمْسُونَ قِرْشًا ) . الخَمْسُونَ قِرْشًا هذه لا تُساوي شيئًا ، فمَصروفُ الطِّفلِ اليوميِّ لا يَقِلُّ عن خَمْسَةِ جُنَيْهَاتٍ . وهو صابِرٌ راضٍ . لم يَشُكُ هَمَّهُ لأحدٍ ، رغم أنَّ امرأتَه مريضَةٌ ، ولا يَجِدُ لها ثَمَنَ العِلاج . ورغمَ أنَّ عِندَهُ أولادٌ بحَاجةٍ لِمَصاريف ومُتطلَّباتٍ مدرسيَّةٍ ، وغيرِها . فاحمَد رَبَّكَ على ما أنتَ فيه .
وهذا رجلٌ قد أُصيبَ بالسَّرَطَانِ ، وصَبَرَ وتَحَمَّلَ ، ومع ذلك كان مُتفائِلاً ، عِنده أملٌ في الشِّفاءِ ، ويدعوا مَن حولَهُ للتفاؤلِ ، ويُهَوِّنُ عليهِم . إنْ وَجَدَ أحَدَ أبنائِهِ أو أحفادِهِ يائِسًا أو حَزِينًا ، بَشَّرَهُ بالخَيْرِ ، وحاوَلَ التَّخْفِيفَ عنه ، ودعاه لأن يكونَ مُتفائِلاً ، وعِندَهُ أملٌ في غَدٍ مُشرِقٍ ، حتَّى تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى ، فلَم يَذكُرُهُ النَّاسُ إلَّا بِخَيْرٍ .
أخي في اللهِ ، لا تَظُنّ نَفْسَكَ المُبتلَى الوحِيدَ في هذه الدُّنيا ، فغَيْرُكَ كثيرٌ مُبتلَىً بأعظمَ مِن بلاءِكَ ، وهُم صابِرُونَ مُحتَسِبُونَ ، وكُلُّ ما يَجري على ألسنَتِهِم هو حَمْدُ اللهِ ، وذِكرُهُ ، وشُكرُهُ .
انظُر أخي في اللهِ ، كم مِن إنسانٍ فَقَدَ عَيْنَيْهِ أو أحدَهُما ، أو يَدَيْهِ أو أحدَهُما ، أو رِجلَيْهِ أو أحدَهُما ! كم مِن إنسانٍ فَقَدَ سَمْعَهُ ، فيتكلَّمُ النَّاسُ مِن حولَهِ ، ولا يَدري عَمَّ يتكلَّمُونَ ، ولا في أىِّ شئٍ يتناقَشُون ! وكم مِن إنسانٍ لا يَستطيعُ أن يُعَبِّرَ عن حاجَتِهِ ، فهو أبْكَم ! وكم ..... ! وكم ..... ! ومع ذلك لا يَشكُونَ هُمُومَهُم لأحَدٍ ، بل يقولون بلِسانِ حالِهم أو مقالِهم : ( الحَمْدُ للهِ ) . فكُن مِثْلَهُم .
تذكَّر – أخي في اللهِ – نِعَمَ اللهِ عليكَ . فكم مِن نِعمةٍ تتقلَّبُ فيها لَيْلَ نَهارٍ وأنتَ لا تَشعُر . ألَا تكفيكَ نِعمةُ الإسلامِ ..؟! فأنتَ مُسلِمٌ وحولَكَ أٌناسٌ كثيرٌ لا يَعرِفُونَ عن الإسلامِ إلَّا اسمَه .
ومِنَ النَّاسِ مَن يَحتكِمُ لِكُتُبٍ مِن صُنعِ البَشَرِ ، ويَنسبُونها لِشَرائِعهم . وقد حَسَدتنا اليَهُودُ على شَيْئَيْنِ . أتدري ما هما ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( مَا حَسَدَتكُم اليَهُودُ على شئٍ مَا حَسَدَتكُم على السَّلامِ والتَّأمِينِ )) صحيح الجامع .
- انظُر للحياةِ بنظرةٍ مُتفائِلَةٍ مُشرِقةٍ ، ولا تلبَس نظَّارةً سَوداءَ ، فتسوَدّ حياتُكَ ، ويملؤها اليأسُ ، وقد كان نبِيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( يُعجِبُه الفألُ الحَسَنُ )) صحيح الجامع .
- اعلم أنَّ الحياةَ الدُّنيا مَتاعٌ زائِلٌ ، فلا تَحزَن له ، ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ آل عِمران/185 .
- واعلم أنَّها لا تَخلو مِن المُنَغِّصاتِ والمُكَدِّراتِ ، وأنَّ الإنسانَ دائمًا فيها في تَعَبٍ ، ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ البلد/4 . فلا راحةَ إلَّا في الجَنَّةِ ، ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ الضحى/4 ، ﴿ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ الأعلى/17 .
- اعلم أنَّ أمرَ المُؤمِنِ كُلَّه خَيْرٌ ، كما أخبرَ بذلك نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( إنْ أصابته سَرَّاءُ شَكَرَ ، فكان خيرًا له . وإنْ أصابته ضَرَّاءُ صَبَرَ ، فكان خيرًا له )) رواه مُسلِم . فاشكُر رَبَّكَ على ما أنتَ فيه مِن نِعَمٍ ، واصبِر على ما أصابَكَ مِن بلاءٍ .