موضوع: بلده طيبه ورب غفور الخميس فبراير 14, 2013 9:47 am
(سبأ) اسم لرجل له عشرة من الولد، اطلق هذا الاسم على بلدة في اليمن كانت من اغنى البلاد في زمانها واكثرها في الخيرات، عن يمينها جنة كبيرة مثمرة لا يرى طرفها، وعن شمالها جنة اخرى كبيرة مثمرة لا يرى طرفها، يأكل الناس من ثمارها ويستمتعون بظلالها، تربتها طيبة، ثمارها طيبة هواؤها طيب، ماؤها طيب، البلدة كلها (طيبة) والرب لو شكروه وشكروا نعمته وصرفوا العبادة له لوجدوه (غفورا). المرأة من قوم سبأ اذا ارادت الطعام والفاكهة والزاد فإنها لا تشتريها ولا تتعب نفسها فتقطفها!! بل يكفي انها تحمل (الزنبيل) على رأسها وتمشي تحت الاشجار لتتساقط الثمار وتملأ (زنبيلها) وترجع الى بيتها، فطعامهم وزادهم (بالمجان) والخير والمؤنة مكفولة للجميع. اما اسفارهم ورحلاتهم فهي سياحة ونزهة ومتعة لا مشقة فيها ولا تعب حتى ملوا من هذا الترف الذي هم فيه وكفروا النعمة التي انعمها الله عليهم فقالوا {ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم}. نعم وخيرات ومتاع حرم منه الكثيرون في الارض في ذلك الزمان وانعمها الله على قوم (سبأ)، فهل شكروا نعمة الله؟ ارسل الله لهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم وكفروا بهم، ومع هذا كانوا في نعيمهم وغيهم غافلين، يظنون ان هذه النعم ستدوم ويحسبون انهم فيها مخلدون، فبطروا واعرضوا عن ربهم ولم يحكموا فيهم شرعه ولم يتبعوا رسله، فبدأ الخراب من حيث لا يشعرون!! ارسل الله لقوم (سبأ) الفئران، مخلوق حقير يعيش في النجاسات والاماكن الخربة، يتلف كل شيء بهدوء، يعمل بالليل والنهار، ينشر الامراض والاوبئة، لا يترك مجالا للافساد الا وج فيه، ودخلت الفئران الى ذلك (السد) العظيم الذي كان سببا للخيرات وطريق للجنان، واخذ ينخر ويحفر والناس غافلون!! ظاهر (السد) جميل وقوي، وداخله قد اصابه الوهن والاعداء من (الفئران) تنخر فيه وتضعفه، حتى جاءت ساعة الصفر!!لما اعذر الله لقوم (سبأ) واقام عليهم الحجة ور..م نعيما لم يشكروه، اذن الله لذلك (السد) ان ينهار وتبدأ النعم بالزوال، وفجأة بدأ السيل يدمر البلدة بمن فيها، ارتفع الصياح وازداد الصراخ وغرق الضعفاء ودمرت الجنان والمساكن، فصارت الارض خرابا يبابا، ومن بقي شرد في الارض ومزق شر ممزق، وصار العز ذلا والغنى فقرا والقوة ضعفا والضحك بكاء، {وتلك الأيام نداولها بين الناس}. بدأ الندم وقطعت قلوبهم الحسرات، وارتفعت الشكوى والنجوى لرب الارض والبريات ان يعيد لهم بلدتهم وجنانهم ونعيمهم ولكن هيهات!! كانت الرسل تنذرهم والرب يحذرهم {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}. حول هذا الموضوع، وبهذه المعاني نتجول غد (الاربعاء في رحاب قوله جل وعلا {بلدة طيبة ورب غفور} والفوائد المستنبطة منها، والعبر المستخلصة، وكيف تحافظ المجتمعات على بلادها ان كانت طيبة، وتلتمس المغفرة من ربها، في محاضرة تجمعني مع الدكتور الفاضل (محمد العوضي) في مسجد (جابر العلي) بمنطقة الشهداء ضمن مشروع (رياض الجنة) بين صلاتي المغرب والعشاء، فحيا الله الجميع صغارا وكبارا رجالا ونساء، (والدال على الخير له مثل اجر فاعله).الومضة (الرابعة والثمانون): يقول (الداراني) رحمه الله: (إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت عليَّ فيه نعمة، ولي فيه عبرة).