موضوع: رساله إلي يائس من التوبه السبت أبريل 20, 2013 3:23 pm
من أكبر نعم الله علينا أن فتح لنا باب التوبة ونبهنا إليه فلم يغلق في وجه العصاة باب إلا وفتحته التوبة ومهما بلغت الذنوب وعظمت المعاصي فإن الله يغفرها فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :قال الله عز وجل :
(يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي،يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة). رواه الترمذي
فالله ربنا جل وعلا رحيم بعباده لطيف بهم يدعو عباده العاصين إليه فيقول(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ).
وانظر إلى لطف الله بعباده كيف يفرح بتوية عبده إذا تاب إليه وفرحه عز وجل بتوبة عبده أشد من فرح الرجل يفقد دابته في فلاةٍ من الأرض عليها طعامه وشرابه وييأس من لقياها ثم ينام تحت شجرة فيقوم فيجدها عند رأسه فالله أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا براحلته.
فكيف ييأس العاصون من رحمته أو يشكون في مغفرته وهو الغفور الرحيم والتواب الكريم؟
وأخبر تعالى أنه يقبل توبة من قتل النفس بغير حق، ومن زنى، بل من أشرك ودعا معه غيره،قال تعالى ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا . وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا)
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله( يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل)
بل أخبر أن الله يفرح بتوبة عبده إذا تاب فقال :" لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها - قد أيس من راحلته - فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك -أخطأ من شدة الفرح ".
وأخبر صلى الله عليه وسلم عن رجل قتل مائة نفس فتاب الله عليه وقبضته ملائكة الرحمة، فقال:" إن رجلا قتل تسعة و تسعين نفسا ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال : إنه قتل تسعة و تسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال : لا فقتله فكمل به مائةثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ قال : نعم و من يحول بينه و بين التوبة ؟انطلق إلى أرض كذا و كذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم و لا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى و قالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال : قيسوا بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو لها فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة".
وأوصيك أخي الكريم وأوصيك أختي الكريمة
بعد التوبة بالإكثار من الأعمال الصالحة؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات ،خصوصا الصلاة بالليل والقراءة والبكاء من خشية الله والإكثار من نوافل الصلاة من سنن الرواتب وصلاة الضحى وغيرها لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
وأوصيكم بالحرص على الصحبة الصالحة، والبعد كل البعد عن رفاقك السابقين، وخاصة من شاركتهم المعصية.
كما أوصيكم بالحذر من التهاون بما كان من المعاصي في السابق أو التساهل بها
واعلم أن الشيطان يحزنه ما صرت إليه فاحذر وساوسه وتذكيرك بالماضي وتزيين ما كنت تعمل
فابتعد عن كل ما يذكرك بماضيك ويثير الشهوة في نفسك وتحصن بما شرع الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الصوم والزواج وغض البصر والبعد عن الكلام الفاحش واجتهد في دعاء الله عز وجل بأن يغفر لك ما مضى ويحفظك فيما بقيت.
وعليكم بتحقيق شروط التوبة
أما الخوف فإن كان لايوصل إلى اليأس من رحمة الله، بل يدفع إلى مزيد من العمل والتوبة فهو محمود. وإن كان يأسا فلا يجوز.
وأخيرا أسال الله أن يغفر ذنوبنا وذنوبكم وأن يجعلنا من التوابين وأن يجعلنا من المتطهرين